في أعلى الزقاق اللامتناهي في الطول، جلس حماد متكئا على عامود الانارة يعانق زجاجة شراب رخيص ويدندن لحن اغنية قديمة جدا، لا أكاد أتبينها وسط ضجيج الصغار ، يلعبون على طول الزقاق ، يتقافزون تجاه الكرة و يتدافعون حولها كالصيصان الصغيرة حول فتات الخبز ويصرخون كلما تدحرجت بعيدا عنهم. يقفون وأيديهم على خاصراتهم أسفا، لا يتجرأون على الجري نحوها وهي تتدحرج و تتدحرج و تتدحرج نحو السواد أسفل الزقاق اللامتناهي في الطول.
لماذا على كل بطل قادم من غياهب الماضي أن يسمى حماد؟ أعني، كان من الممكن أن يكون اسمه جوب أو ربما كريس. او حتى جيلجماش .
ربما لأن اسم حماد وحده الذي يليق بهذا الجو المائل للحمرة. وحده الاسم المناسب لسيناريو غروب الشمس على الزقاق اللامتناهي في الطول. وصوت خشخشة العدس فوق صحون القصدير تنظفه النسوة من الحصى و الشوائب، ويعددنه لوجبة غداء اليوم الموالي وهن جالسات الى عتبات ابوابهن يغزلن الكلام ويلكنه في غنج.
لو كان اسمه جوب لكان يهوديا فاحش الثراء جالسا في وحدة قاتلة وسط ملايين الشموع والمصابيح الصغيرة ولو كان اسمه كريس لتسلل إلى سرداب قصره الواسع في تؤدة واستل قنينة نبيذ فاخر ليشربها وهو مستلق يراقب الغروب من شرفة الغرفة.
لكنه حماد ، وحماد فقط كان اسمه. يستعين بعامود الانارة لأنه خسر نقود الشمعة على السجائر ويشرب أرخص شراب يمكن أن يجده في السوق.
ولو لم يكن اسمه حماد لكان جلجماش القوي ملك سومر الذي من اجله غنت سيدوري ساقية الآلهة وهي تملأ كأسه :
إلى أين تمضي يا جلجماش؟
الى اين تمضي يا حماد ؟
الحياة التي تبحث عنها لن تجدها
فالالهة لما خلقت البشر جعلت الموت لهم نصيبا وحبست في ايديها الحياة.
أما أنت يا جلجماش
أما انت يا حماد
فاملا بطنك
اسعد ليلك ونهارك
ارقص لاهيا في الليل و في النهار
اخطر بثياب نظيفة زاهية
اغسل رأسك واستحم بالمياه
دلل صغيرك الممسك بيدك
واسعد زوجك بين احضانك
هذا نصيب البشر.
إلى أين تمضي يا جلجماش؟
الى اين تمضي يا حماد ؟
الحياة التي تبحث عنها لن تجدها
فالالهة لما خلقت البشر جعلت الموت لهم نصيبا وحبست في ايديها الحياة.
أما أنت يا جلجماش
أما انت يا حماد
فاملا بطنك
اسعد ليلك ونهارك
ارقص لاهيا في الليل و في النهار
اخطر بثياب نظيفة زاهية
اغسل رأسك واستحم بالمياه
دلل صغيرك الممسك بيدك
واسعد زوجك بين احضانك
هذا نصيب البشر.
لكنه ليس جلجماش.
جلجماش له سور عظيم يحيط بمدينة عظيمة تشهد خلود سيدها
وليس لحماد شيء أبدا. غير مكانه المعتاد تحت عامود الانارة و كأسه، كأسه التي اصبحت جزء منه .
- حماد باق ببقاء هذا الزقاق الطويل !
- حماد حي بدوام نور هذا العامود !
يصرخ حماد نخب خلوده ، ينفزع الصغير ، يركل الكرة عاليا، تصيب المصباح، تطفأ الانوار، يتطاير العدس في السماء. تقهقه عذراء و..
وتتدحرج الكأس التي كانت لتوها عاليا نحو اسفل الزقاق اللامتناعي في الطول .
تتدحرج و تتدحرج وتتدحرج إلى الابد.
جلجماش له سور عظيم يحيط بمدينة عظيمة تشهد خلود سيدها
وليس لحماد شيء أبدا. غير مكانه المعتاد تحت عامود الانارة و كأسه، كأسه التي اصبحت جزء منه .
- حماد باق ببقاء هذا الزقاق الطويل !
- حماد حي بدوام نور هذا العامود !
يصرخ حماد نخب خلوده ، ينفزع الصغير ، يركل الكرة عاليا، تصيب المصباح، تطفأ الانوار، يتطاير العدس في السماء. تقهقه عذراء و..
وتتدحرج الكأس التي كانت لتوها عاليا نحو اسفل الزقاق اللامتناعي في الطول .
تتدحرج و تتدحرج وتتدحرج إلى الابد.
إرسال تعليق